ماذا بعد؟!.

وددت لو تمكنت من حفظِ كلّ تفصيل صغير في هذا اليوم، لحظات الأرقْ والقلقْ التي منعتني من النوم، طعم الشاي الساخن في لحظات المراجعة الأخيرة، صوت تحسين الصغير وهو يبكي بين أحضان جدته، رائحة العطر الذي تعطّرت به، وشم قلب الحب الأحمر وبداخله اسم فاطمة وفي أسفله “أنت عمري” على ذراع أحد الأشخاص في الميكرو، صورة الفتاة المثيرة التي خرجت من سيارة صديقها متوجهة إلى امتحانها، لحظات الوصول إلى الكلية وحاجتي الملحة لقضاء الحاجة، انتظاري لعبود الذي تأخر، الدخول إلى المدرج الثاني والجلوس بجانب صديقي الرائع “علي العابو”، محاولات عبود الفاشلة في اقناعي بكسر قاعدتي ضد النقل والتنقيل، لحظة استلام الورقة، لحظة تسليم الورقة، طعم ميريندا بالليمون البارد اللذيد بعد الامتحان.

لحظات لن أنساها، وكأنني البارحة استلمت بطاقتي الجامعية لأول مرة، مرحلة مريرة كلّ المرارة على حياتي وبنفس الوقت لذيذة ومثيرة وشديدة الأهمية بالنسبة لي.

فعلياً لم أكن سعيداً سوى في السنة الثانية والسنة الرابعة على أقلّ تقدير لكن السنة الثانية كانت الأجمل، وجمالها منعني من كره الجامعة وما يتعلق بها.

الجامعة، كلمة لن تكون على لساني بعد اليوم، ربما تستمر في حال تمكنت من الالتحاق بالدراسات العليا، وربما لا.

ماذا بعد؟، ماذا بعد؟!.

أشعر بأنني أعيش لحظات على الهامش، هي اللحظة التي تكون ما بين وبين شيئين، ربما مخاض، ربما مساحة فاصلة، أي كان أود الاستمتاع بها على أيّ حال.

علي بدك تسافر؟، تطير بعيد من هون؟، تشتغل برا وتترك سوريا؟، تهجّ وتغترب وعمرك ما ترجع انشاء الله؟.

بالنسبة لي، الأبواب جميعها مفتوحة والخيارات كلها متاحة والأمور على التيسير، لست بموقف سلبي تجاه أي خيار، فلو كانت الخدمة العسكري هي خياري، فسأخدمها بكل انضباط والتزام، وسأكون سعيداً بخدمة العلم، وإن توفر لي الظروف بالحصول على فرصة عمل كريمة في الخارج، سألتزم بها وأتقنها وأبدع بها، وسأكون سعيداً بها، وإن منحت فرصة الدراسات العليا، بالتأكيد سأقتنصها، ولن أفوت لحظة منها، بالنسبة لي، لا موقف سلبي مما يختاره لي ربي.

بانتظار نتائج آخر مادتين وبإذن الله أكون خريج طازج.